الاثنين، 29 أكتوبر 2012

لقاء مع مبدع / الخطاط طه البستاني

أدناه اللقاء الصحفي  لمجلة روافد الثقافية الأدبية / العدد السادس (ربيع الثاني 1433هـ / آذار 2012م) مع الخطاط المبدع طه البستاني 
أولاً: السيرة الشخصية:
هو ابو همام طه بن محمد بن نوري بن قاسم البستاني ، ولد في بغداد عام 1950م ، وفيها أكمل دراسته الأولية ثم التحق بمعهد الفنون الجميلة قسم الخط والزخرفة وتخرج فيه عام 1978م، ثم عمل مدرساً في المعهد نفسه عام 1986 - 1995م، ثم عمل في وزارة التربية في مديرية المناهج إذ أصبح رئيساً لقسم تصميم الكتب المدرسية، وقد حاضر البستاني في الدورات التي كانت تقام في مركز صدام للفنون آنذاك ، وهو مؤسس (قسم التذهيب والزخرفة) فيه، وعمل ايضاً مصمماً في التلفزيون التربوي، وهو عضو جمعية الخطاطين العراقيين، وعضو جمعية التشكيليين العراقيين، وعضو نقابة الفنانين العراقيين، وأعماله الفنية أكثر من أن تحصى، وهي منتشرة في دول العالم من مثل ( دول المغرب العربي، ومصر، ولبنان، وسورية، والبحرين، والإمارات، ولندن، والسويد، وفرنسا، وأمريكا) ، وقد تشرف البستاني بخط كثير من الآيات القرآنية الكريمة، إذ زينت زخارفه وخطوطه جدران المساجد في بغداد، فضلاً عن عناوين أغلفة الكتب والشعارات الرسمية، وله خمسة معارض شخصية، وكان أولها عام 1992م، في عمان على قاعة المركز الملكي، وله تسعة معارض بالمشاركة مع آخرين في بغداد، وعمان ، والقاهرة، والإمارات) وحصل البستاني على جوائز وشهادات كثيرة منها في مهرجان بغداد العالمي الأول عام 1988م، والثاني ، والثالث، وكرم البستاني أيضاً مع الرعيل الأول من الرواد وحصل على الجائزة الأولى لمعرض يوم بغداد، وله مؤلف مخطوط ، وهو ترجمة لكتاب باللغة التركية عن الخطاطين الأتراك في الحقبة المتأخرة، وله مؤلف ثان ما زال تحت التأليف عنوانه (المباديء العامة للزخرفة ، الأسرار والأساليب) ، وهو يمكث الآن على بعض اللوحات الفنية التي تحمل سر الزخرفة، والخط.

ثانياً: لقاء المجلة:
- يقال إن الفنون موهبة تصقل بالمران والدراسة فكيف كانت بدايتك مع فن الخط والزخرفة؟
- في داخل كل إنسان موهبة إن أكتشفها وعرف أي هو من الفن كأن يكون الرسم أو الخط أو الزخرفة، أو الأدب أو غيرها فعليه أن ينميها بالمران، والدراسة، أما بدايتي مع فن الخط، والزخرفة فقد لفت نظري زخارف الجوامع، وأكثرت من مشاهدتها، والمشاهدة في الفن نصف التعلم، بعدها حصلت على كراس قواعد الخط العربي للأستاذ الكبير (هاشم محمد البغدادي) في هذه المدة بالذات كنت أتامل الحروف وأدرسها مع نفسي قبل أن يتسنى لي أن أنتظم في دراسة مع أستاذ، أما الزخرفة فكانت البداية في معهد الفنون الجميلة إذ أحببت هذا الدرس، وبدأت أبحث، وأطور نفسي. 

- أين تجد نفسك في الخط أم الزخرفة، أم في كليهما؟
- الخط والزخرفة صنوان كلاهما يكمل الآخر، فالخط هو الفن الذي تشكله الأبعاد، وله قاعدة وزنية وله حركة إبداعية، وجمالية، أمـا الزخرفة فهي نوع من أنواع الفن يبحث في فلسفة التجريد، والنسبة والتناسب، والكتلة، والفراغ، والتكوين، واللون، والخط، لذا وجدتني ، والحمد لله قد أستطعت أن أوازن بين الخط والزخرفة، حرصاً على تكامل العمل الفني. 

- هل درست على أحد الخطاطين أو المزخرفين ؟ متى، وأين؟ 
- أدين بالفضل والعرفان لكل من زودني بمعلومة وأول استاذ لي في الخط هو الدكتور (صلاح شيرزاد) وكان ذلك عام 1970م، وواضبت معه على الدرس ، حتى إلتحاقي في معهد الفنون الجميلة عام 1974م، فتتلمذت على يد الأستاذ (صادق الدوري) حتى تخرجي من المعهد عام 1978-1979م، ثم أخذت أتردد عليه في مكتبه في شارع المتنبي إلى حين غلق المكتب بعد خمس سنوات فتحولت إلى الأستاذ الحاج (مهدي الجبوري)، الذي كان مرجعي في كل شيء، إذ كنت أتردد عليه يومين في الأسبوع في مكتبه (دار الخط العربي) في شارع الرشيد وأعرض عليه كل ما يستجد من نتاجات فنية، فأدون كل ما يبديه من آراء فنية قيمة، وتنبيهات دقيقة، وتميز الأستاذ (مهدي الجبوري)، بأسلوبه السلس، والأبوي في تحصيل المعلومة، وكان يحرص كثيراً أن ينقل لي كل ما يستطيع من خبرته التي جمعها في سنين طويلة، ولظروفه الخاصة، والصحية غلق مكتبه، (دار الخط العربي)، إلا انني لم أنقطع عنه، إذ كان يأتي كل يوم سبت إلى مكتب الأستاذ (غالب صبري) في تقاطع الرصافي، فألتقي به مهيئاً ما عندي من كتابات، وقد عرضت عليه المسودات الخاصة بكتابات جامع (فخام الدين أنيس) فثبت لي ، وبدقة تنبيهاته التي نفذت السطور النهائية على أساسها، وعرضتها عليه بعد التنفيذ النهائي فسر بها، وشجعني هو، والخطاط (غالب صبري) ، ونفذت السطور بالحفر البارز على الرخام، وكان للأستاذ الدكتور (سلمان الخطاط) دور كبير في ثقافتي الفنية فقد تعلمت منه الكثير من التقنيات الفنية التي لها مساس مباشر في عملنا، ووجدت فيه رجلاً موسوعياً وقد وفر لي رحمه الله المشاهدات المهمة من الكتابات والخطوط المنفذة بالحبر العربي ومادة الزرنيخ لعمالقة الخطاطين من مثل الأستاذ (هاشم الخطاط)، والخطاطين الأتراك من أمثال (مصطفى الراقم)، و(سامي أفندي)، و(محمد نظيف)، و(حقي الطغرائي)، و(أحمد كامل)، و(حامد الأمدي)، و(ماجد الزهدي)، و(مصطفى حليم)، و(محمد أمين)، و(عمر وصفي)، وعملاق خط النسخ (محمد شوقي أفندي)، و(محمد عزة أفندي)، رحم الله تعالى أستاذي وجزاه خير الجزاء، وكذلك لا يفوتني أن أذكر الدور المهم للأستاذ الخطاط (إحسان أدهم)، فقد أطلعني على كل ما في خزانته من كنوز ثمينة، وزودني بمجموعة من ورق الترمة، وكيفية تحضيره، ومزايا هذا الورق، وزودني بمصادر عن صناعة الحبر العربي، فشكري الجزيل له، ووفقه الله تعالى لما يحبه ويرضاه، وأفدت كثيراً من الأستاذ (عباس البغدادي) فأجده كيف كان حريصاً في إيصال المعلومة بطريقته الخاصة، وبخفة دم، وطيبته المعهودة وأتمنى له كل الخير.
                                 تركيب كمثري بخط الثلث القياس (49x60) سم، طه البستاني، 1424هـ.

- هل قمت بزخرفة القرآن؟
- نعم، قمت بزخرفة القرآن الكريم سنة 1979م، وقد طبع في مؤسسة مطابع (لوزا) في ألمانيا الغربية إلا أنه غير مصحف الأوقاف الذي طبع في تلك الحقبة في ألمانيا بطبعتين أشرف على الطبعة الأولى الأستاذ الكبير هاشم الخطاط، وأشرف على الطبعة الثانية الأستاذ صلاح شيرزاد. 

- هل عملت تصميماًً كالعملة، والشعارات، والكتب ، وغيرها؟
- عملت تصاميم كثيرة من شعارات، وأغلفة كتب، وواجهات لمساجد.

- مالعمل الفني الذي تعتز به؟
- بكل فخر قمت بكتابة جامع (أنيس) وزخرفته (الداخل والخارج)، والواقع في منطقة الأعظمية، كما قمت بتصميم زخارف جامع عانة الجديد، الذي نفذته شركة فرنسية والخطوط كانت للأستاذ الخطاط (إحسان أدهم).






- مالعمل افني الذي كنت تتمنى أن تقوم به؟
- هاجس في نفسي أن أقوم بخط المصحف الشريف، وزخرفته، وهذا مشروع كبير يحتاج إلى تفرغ تام، أسأله تعالى أن يوفقني إليه.

- كيف تنظر إلى المزخرف، والخطاط العراقي ، إبداعياً؟
- المستويات متباينة كل بحسب موهبته، وأتمنى الموفقية للجميع، خدمة لهذا الفن الأصيل.

- هل عملت (الحلية) لأحد الخطاطين؟
- عملت الكثير من الحلي خطاً وزخرفة بمتطلبات خاصة، وزخرفت حلية بخط الأستاذ (ماجد الزهدي)، ومجموعة حلي بخط الأستاذ (عباس بغدادي). 

- المدرسة البغدادية في الخط العربي من يمثلها اليوم؟
- الخط العربي يسير على وفق مدرستين : المدرسة البغدادية، وهي الكتابة على القاعدة البغدادية التي أبتدعها الوزير ابن مقلة وحسنها الخطاط علي بن هلال المعروف بابن البواب، والتي أنتشرت في جميع العالم الإسلامي، حتى ظهور القاعدة التركية. أما القاعدة التركية فهي التي بدأ بتحسينها الخطاط حمد الله بن الشيخ المعروف ب(حمد الله الأماسي)، ووصل قمتها إجادة (مصطفى الراقم).   

- أتؤمن بإن الفن للفن أم بإن الفن رسالة توجه بغاية ما؟
- حبذا لو يوصف الفن كرسالة تخدم الإنسانية جمعاء.